ما أهم كتب المنفلوطي؟…لا يمكن ذكر الأدب العربي في الربع الأول من القرن العشرين بدون ذكر المنفلوطي، كان الادب وقتها يتخبط بين التكلف اللفظي وتحميل النصوص أبعد من مقصدها الحقيقي، لذلك لم يكن القراء ليتجاوبوا مع النصوص التي كانت تتصنع، مرحلة كبيرة جدا من التعثر ما بين السجع وإقحام المفردات بغرض التعليم، وجاء المنفلوطي وابتعد عن كل ما يشين النصوص وأدخل أدب التحليل النفسي وسبر أغوار الذات وتخلص من العبء اللغوي بالكامل، مثل التعقيد المقصود والجمل الصناعية والمفردات الزائدة التي تذهب بالقارئ إلى غير المعنى المراد.
كل ذلك هو الذي جعل العقاد يقول فيه ” فلا يعرف له نظير بين أعلام الادباء الثئرين من مطلع النهضة الكتابية قبل مولده إلى ما بعد وفاته، فليس بين ادبائنا الثائرين من استطاع أن يقرب بين أسلوب الإنشاء وأسلوب الكتابة كما استطاع صاحب «النظرات» و«العبرات» فربما ذهب القصد في الكتابة بجمال الإنشاء في أساليب الثائرين المجيدين، وربما ذهب الأسلوب الإنشائي الجميل، بالمعنى المقصود، في كتابة أدباء الفكر والتعبير، ولكن المنفلوطي – قبل غيره – هو الذي قارب بين الجمال والصحة على نسقه الفصيح في سهولة لفظ ووضوح معنى وسلا سة نغم”.
ما أهم كتب المنفلوطي؟
وقال عنه العقاد ايضا في مقال آخر نشر بجريدة المجلة عام 1962 ” في فترة من تاريخ ثقافتنا وفي أيام لا تتجاوز أيام الحرب العالمية الاولى كان السائل يسأل، من أكتب الكتاب في لغتنا العربية، فيسمع الجواب من الكثرة الغالبة بين قراء تلك الفترة، إنهما اثنان الشيخ علي يوسف، والشيخ مصطفى لطفي المنفلوطي.
كما يذكر للمنفلوطي أنه أول من حاول تعريب الكتب الفرنسية، فبرغم أنه لا يجيد الفرنسية لكنه استعان بمن يترجم له كتبا كثيرة مثل ” في سبيل التاج”،و “الشاعر”، و” بول وفيرجيني” والتي سماها “الفضيلة” و”ماجدولين” وقد لاقت رواياته التي ترجمها الكثير من الاستحسان في الاوساط الثقافية وقتها، ولعل أشهر الرسائل التي تمدح ترجمة المنفلوطي هي ما أرسله الشيخ عبد العزيز البشري والتي نشرها في الاهرام بعد ذلك.
وجاء فيها ” أخي السيد الجليل.. هل لك أن تعيرني قلمك ساعة واحدة أصف به تلك الرواية التي أديتها إلى أبناء العر،فغنه ليس حقيقيا بوصف براعة ماجدولين ، إلا معرب ماجدولين، قرأت كتبا كثيرة وأقاصيص لأعيان الكتاب والمؤلفين متقدميهم ومن تاخر عنهم، وليس شئ منها يقل عن ” ماجدولين” غرابة حوادث وقوة خيال، وصحبة معان وفصاحة أسلوب ورشاقة لفظ، وصفاء ديباجة، فلم تثر شجونيولم تنل من شئوني بعض ما نالته روايتك فعمرك الله كيف صنعت حتي برعت هؤلاء جميعا.
وبلغت من نفوس القارئين ما تثلمت دونه كل اولئك الاقلام”.
كان للمنفلوطي دور أيضا في الحياة السياسية منذ نشأته، فكتب القصيدة التي هجى فيها الخديوي عباس، والتي يقول مطلعها قدوم ولكن لا أقول سعيد..وملك وإن طال الورى سيبيد.، وحبس المنفلوطي ستة أشهر من السنة وسعى الشيخ محمد عبده لإصدار العفو عنه.
من روائع المنفلوطي؟
وحين أصدر المنفلوطي كتاب العبرات وما كادت النسخ تخرج من مطبعة المعارف حتى انقض عليها القراء فنفدت طبعتها الأولى بعد بضعة أسابيع، وكانت طبعتها 10 آلاف نسخة، كما قال راشد رستم، وكتب المنفلوطي تحت عنوان النظرات ” مختارات ما كتبه المؤلف في جريدة المؤيد وغيرها من الجرائد.
وقال عنه الدكتور محمد رجائي الطحلاوي في كتابه أعلام أسيوط ” للمنفلوطي أعمال أدبية كثيرة اختلف فيها الرأي وتدابر حولها القول وهي بعد ذلك أعمال تنم عن إعداد ممتاز وتعرب عن موهبة أصيلة وتشهد له أعماله بالعظمة والإبداع وقد بدأت أعمال المنفلوطي تبتدي للناس من خلال ما كان ينشره في بعض المجلات الإقليمية كمجله الفلاح والهلال والجامعه والعمدة وغيرها.
تخطي الكتابه من الصحف الإقليمية إلي أكبر الصحف آنذاك وهي المؤيد وكتب تحت عنوان ” نظرات ” التي تم جمعها في كتاب تحت نفس الاسم علي ثلاثة أجزاء ومن مؤلفاته أيضًا العبرات، في سبيل التاج _ الشاعر_ مجدولين _ مختارات المنفلوطي _ الفضيلة والمنفلوطي ليس مؤرخا للأدب ولم يؤلف كتابا ذا صيغة تعليمية أو تنفيذية وإنما مدار أادبه علي ما يسمي بالأدب الانفعالي ولربما اندرج تحت ما يسمي بالأدب الذوقي وانتاجه يدخل في إطار نظرية الأدب.
واذا كان رفاعة الطهطاوي هو رائد الترجمة في مصر والبارودي مجدد الشعر العربي ومعيده الي أصالته ورونقه فإن مصطفي لطفي المنفلوطي هو رائد حركة تحرير النثر العربي من قيود السجع والجناس والزخارف اللفظية في إطار مدرسته المحافظين على النثرية.
ما أهم كتب المنفلوطي؟
كان المنفلوطي حالة في عصره، وكتب الكثير من الأقلام التي تشهد له بتمهيد الطريق للسائرين من خلفه في نفس المضمار، الأمر الذي جعل كتبه باقية خالدة، وما كتبه كان عن دراية وفهم، ووعي للأسلوب الأدبي الحقيقي البعيد كل البعد عن التكلف وتحميل النص ما لا يطيق، لذلك كله ولرأي الكتاب فيه كان المنفلوطي هو أول من كتب بالصيغة الأدبية التي تناقلتها الأجيال من بعده، والتي كرست لوجود الأدب الحديث بمعناه الشمولي الحالي.