حكى الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، عن هواية كان يمارسها كل يوم جمعة مع جيرانه، وهي الانتقال من جامع لآخر.
في كل جمعة كانوا يصلون في جامع، لكن بعد فترة توقف عنها تماما، يروي في كتابه “على مشارف الخمسين”: “لكنني من يومها ظل قلبي يهفو إلى أي جامع يخرج منه المصلون فيجدون باعة قد وقفوا أمام بابه يقدمون بضائعهم، عربات ليمون، جوافة، فرشة جرجير وبقدونس، ربطات صحف، يشتري منها المصلي ويمسك بيده طفل ويعودان إلى البيت”.
وسرد موقف حصل معه أثناء صلاته في الصف الأخير من الجامع، عندما هم برفع كفه، ودخل في الصلاة، ليردد جملة “حمدا يليق بجلال قدره وعظيم سلطانه”.
جار إبراهيم عيسى اللص الذي انضم للجماعة الإسلامية
تعلثم أثناء نطق الجملة، رغم تركيزه الشديد، لأنه رأى حسب وصفه، شابا يصلي بجواره، ذو لحية كثيفة تصل إلى صدره، حكى “يتجه بزاوية وجهه لي، ويمعن النظر في وجهي، أصابني الرعب حيث بدأ المصلون السجود، بينما تجمدت أنا من نظرته، وهو يسجد متلفتا برأسه ناحيتي، ننهي الصلاة وأجرى خارجًا”.
فور عودته للبيت، حكى لخاله الذي انطلق في الضحك، وأخبره أن “محمود ابن رابحة الحرامية” جارتهم في الشارع، هو أشهر لص في المدينة.
ورغم أنها تراه أنه شاب مهذب، لكن عند الجميع “محمود ابن رابحة الحرامية”، تدين والتحى، وانضم للجماعة، لكن حيرته بين تدينه وبيئته جننته.
تلقى إبراهيم عيسى نصيحة من خاله بعد هذا الموقع “صل في جامع تاني”.
إبراهيم عيسى بين السينما والجامع
كان الكاتب الصحفي يشاهد فيلم عودة الابن الضال في سينما كريم، حيث كان أسبوع أفلام يوسف شاهين، ثم يذهب إلى محل فول وطعمية ليتناول الإفطار.
يعود مرة أخرى للسينما، بشاهد نفس الفيلم في حفلة الواحدة ظهرا، ثم يخرج ليتناول الغداء في محل الكشري، ويصلي الظهر مع العاملين في القاعة الخلفية للمطعم، ثم يعود ليشاهد الفيلم في حفلة الثالثة والنصف، ثم يخرج لصلي العصر في زاوية جامع سينما كايرو، وينتظر لصلاة المغرب، ثم يذهب للسينما مرة أخرى ليشاهد نفس الفيلم في السادسة والنصف، ثم يمشي لمحطة رمسيس، حيث موقف الميكروباص.
يعود إلى المدينة الجامعية، حيث يقطن في مبنى “اتنين ألف”، ليصلي العشاء في مسجد الدور الرابع، ويجتمع حوله أصحابه يسألوه عن غيابه طوال اليوم.
يجتمعون في غرفته، ويحكي لهم عن الفيلم، يقول “نهرني أحدهم، بتشوف أفلام طول اليوم وجاي تصلي معانا، تجاهلته وأكملت كلامي عن الفيلم”.