في أحد أيام عام 1984، ادعى أحمد عوض الله، عامل، 27 سنة، زوجة صديقه، بأنه زوجها اصطدم بسيارة ونُقل إلى المستشفى، وفجأة غير الطريق واستدرجها لسوق الجمعة، بقسم اللبان بالإسكندرية، وهددها بسلاح أبيض “مطواة” وهددها بزجاجة مياه نار، واعتدى عليها وسرق أموالها.
وفي نفس الفترة، تولى المستشار ماهر الجندي المحامي العام لشمال القاهرة، الحكم في قضية اعتداء عادل حسنين، تاجر فاكهة، على طفلة عمرها لا يتجاوز الـ4 سنوات، بعد خطفها. ماتت الطفلة، فطالبت النيابة بتوقيع عقوبة الإعدام.
المتهم “عوض الله” اعترف أمام مباحث الإسكندرية بارتكابه جريمة الاغتصاب، وصدر الحكم الأول ضده بالإعدام من المستشار أحمد فؤاد رئيس المحكمة.
القانون الجديد للاغتصاب
أحكام الإعدام في قضايا الاغتصاب، فترة الثمانينات، صدرت طبقا لقانون استحدث وقتها، المادة 290 من قانون العقوبات قبل تعديلها عام 80 كانت تقرر عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن بالنسبة لجريمة خطف الأنثى التي تبلغ أكثر من 16 سنة، إذا كان عن طريق التحايل أو الإكراه، وبعد إجراء التعديلات على القانون رقم 214 لسنة 80، ألغيت المادة واستبدلت بأن “كل من خطف بالتحايل أو الإكراه بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالإشغال الشاقة المؤبدة ويحكم على مرتكبها بالإعدام إذا اقترنت بها جنابة مواقعة المخطوفة بغير رضاها”.
المفتي يرفض الحكم
الحكم الصادر ضد مجرم الإسكندرية محمود أحمد عوض الله، بالإعدام، لم يرض عنه المفتي عبد اللطيف حمزة، ورفض التصديق عليه، وشرح أسبابه للـ “الأهرام” 25 ديسمبر 1984، بأن قانون الجنايات نص في إحدى مواده على أن من يغتصب فتاة أو سيدة بالإكراه يحكم عليه بالإعدام، لكن طبقًا للشريعة الإسلامية فإن هذا الشخص لا يعدم عن طريق تطبيق الحد الذي يقتضى تطبيق شروط معينة يجب أن تتوافر، وهي البينة أو الإقرار.
كان “عوض الله” قد أقر بارتكابه للجريمة في تحقيقات المباحث، لكن عدل عن اعترافه أمام النيابة والمحكمة. لذا أقر المفتي أنه إذا عدل عن الاعتراف تعتبر الجريدة شبهة والحدود تدرأ بالشبهات ولا يقام عليه الحد، ولكن يستحق عقوبة التعزير، ويقدرها الحاكم حسب الجريمة، وقد تصل إلى حد الموت بالإعدام.
قانون الإجراءات الجنائية يوجب على المحكمة في حالة الحكم بالإعدام أن تستطلع رأي مفتي الجمهورية قبل أن تصدر الحكم، ترسل له أوراق القضية، وإذا لم يرسل رأيه خلال عشرة أيام تحكم في الدعوى، غير عن رأيه ليس ملزما للقضاء فيما يتعلق بأحكام الإعدام، رأيه استشارياـ تأخذ به أو تقضي بدونه.