زوج سميحة أيوب الأول عاشت معه أيامًا حزينة وسعيدة، حبيبين وصديقين كان لها بمثابة أب وأستاذ ومعلم وحبيب..
زوج سميحة أيوب الأول
تحدثت سميحة أيوب عن علاقتهما، قالت: علاقتي بزوجي الراحل سعد وهبة لم تكن مجرد علاقة زوجية، فكم من الأزواج يعيشون غرباء عن بعضهم، أما نحن فكنا شركاء في الحياة، وهنا تكمن الصعوبة، فقد كانت علاقة زوجية وعلاقة صداقة، وكان الزوج والصديق في في زمن عز فيه الصديق، وكان الأب وكان الابن، والأخ، ثم الاستاذ والمعلم والحبيب، كان “سعد” لي كل هؤلاء.
أضافت: في بداية حياتنا، واجهنا بعض المشاكل المادية، فهو كان ضابطًا صغيرًا، وانا ممثلة صغيرة، وواجهنا كل ذلك، بكل تفاهم، لم يهمنا أي شىء مادي في الدنيا، الموجود استطعنا ان نعيش به، فلم تكن هناك سوى مشاكل العمل ولم يكن لدينا مشاكل شخصية مطلقًا.
كان لكل واحد منا في عمله شخصيته الاعتبارية المحفوظة، فعندما يلبس زوجي جيدًا ويعيش جيدًا يستطيع أن ينتج أفضلـ، ولن يتوافر ذلك بدون سيدة تنظم كل هذا لأني أرى أن وظيفة المرأة هي أن ترى كل هذه الأشياء.
تابعت: لم أكن أكسل عن ذلك رغم انشغالي في أعمالي الفنية، وكان كثيرًا ما يقول لي: حرام عليك ياسمحية، كل هذا المجهود، فيه ناس تقدر تقوم بالعمل ده بالفلوس لكن فنك لا أحد غيرك يمكن أن يؤديه فكنت أصر أن أقوم بكل شىء هذا وذاك، حتى أشعر براحة الضمير، وكنت لا أحب أن اكون أمام نفسي مقصرة في أشياء بيتي الخاصة.
سميحة أيوب والأمومة
استطردت، كان “سعد” يتمنى ان يكون لنا ابنًا، لكن العمل أخذنا وسرقنا، ووجدنا الوقت راح، وكان “سعد” في العشر سنين الأخيرة ينظر لي ويقول: بقى مش كنا خلفنا عيل يا سميحة”، ولأني أنا عندي ولدان قبله، وهو عنده بنتان من زوجة قبلي، فكنت أقول له: ربنا يخلي اللى عندنا، فكان يرد: كان لازم يكون مننا إحنا الاثنين، فكنت أقول له: ربنا لم يرد.
واصلت، هو كان دائمًا منشغلًا لوقت طويل، وأنا ايضًا، كنت مثله، أعمل وقتًا طويلًا، فأنا أتخيل إننا خلقنا لبعضنا، نعمل طوال النهار، ثم نأتي في آخر الليل نجلس معا ساعة أو ساعتين نقول لبعضنا كل ماحدث طوال اليوم، ثم كانت هناك بعض الأجازت، كانت الحياة بالنسبة لنا فيها تناغم وانسجام.
سردت، كان “سعد” مائة رجل في رجل واحد، عاش 300 سنة في خمسين سنة، فكان مبدعًا وسياسيًا ووطنيًا ومناضلًا، وعندما ننظر لسيرته نجد عمل كذا وكذا وكله كما يجب، لا يذهب لمكان إلا ويزدهره ويورده، يدخل خرابة تنزرع، ويصبح فيها فرح، ربنا أعطى له هذه القدرة والتصميم على النجاح، هناك ثنائية أخرى في حياة سعد الدين وهبة فقد كان رجلًا منظمًا تمامًا وصارمًا.
أكملت، ومع ذلك كان فنانًا شاملًا شديد الحساسية يعيش أحوال الفنانين، كان رجلًا مبدعًا رقيقًا، مع أن شكله لو يكن يوحي برقة، كان يعطي شكل رجل متجهم صارم ليس لديه عواطف، لكنه كان رقيقًا جدًا جدًا ودمه خفيف جدًا وحكاء، وذاكرة خرافية، وكان ذاكرتي فأنا لا أذكر أعمالي بينما كان يذكرها جميعها حتى الأعمال التي قمت بها قبل زواجنا.
الأيام الأخيرة في حياة زوج سميحة أيوب الأول سعد الدين وهبة
أما عن يوم الأيام الأخيرة في حياته، قالت: سعد كانت مواعيد إستيقاظه قد تغيرت فأيقظته ومنذ أجرى جلسات الإشعاع فقد شهيته للأكل، وكنت أقدم له طعامًا على هيئة عصائر تشتمل على اللبن الممزوج بالأطعمة لأن كل المرضى كانوا يفقدون أوزانهم داخل المستشفى أثناء إجرائهم جلسات الإشعاع بينما سعد زاد وزنه 2كليو جرام، وقالوا له لازم نحيي المدام وقدم لي الطبيب الشكر فقلت له أنني أمده بالطعام المغذي الذي يمده بالصحة لدرجة أنني مستعدة ان اعطيه صحتي وبعد رجوعنا إلى مصر سألني عن نتيجة الاشعاع؟ فأجبته بأنني سألت الأطباء فقالوا لي أن نتيجة الإشعاع قد تظهر بعد شهر أو ثلاثة شهور أو بعد سنة وفي بعض الأحيان يشفى المريض من المرض.
تكمل سميحة أيوب ، تأثير الاشعاع يظل موجودًا ومن الممكن أن يقضي على المريض لأن جهاز المناعة يكون قد وصل إلى مستوى الصفر فـ”سعد” لم يمت من المرض ولكن من تأثير الاشعاع لأن القلب لم يتحمل جرعة الاشعاع وجهاز المناعة لدية كان مجهدًا ولم نجصل من المسشتفى على تقارير طبية.
أردفت، لكن قالوا له الأطباء عد إلى مصر وعد في شهر يناير القادم لكي نجرى بعض الأشعة لنعرف مستوى المرض ونتبين أثره وإذا وجد أن هناك اثرًا فإنهم سوف يعطونه العلاج الكيماوي مرة أو مرتين وعمل أشعة قبل أن يأتي إلى مصر وأطمأن.
أما عن يوم الوفاة تحديدًا، فكان يوم الثلاثاء، 11 نوفمبر 1997.
زوج سميحة أيوب الأول
وعن لحظة الوفاة، قالت، بدأ “سعد” يومه بشكل عادي لكن حدث شىء غريب مني، لأنني عادة أعد طعام الغذاء في الثانية ظهرًا من نفس اليوم لأنه كان يتناول الغذاء الساعة الثالثة ولكنني في هذه المرة أعددت الطعام يوم الاثنين ليلًا حيث نام في الحادية عشرة مساءً على أن يستيقظ في الثانية صباحًا، وفي يوم الثلاثاء تناول وجبة الإفطار وشاهد برنامج “صباح الخير يا مصر”، جزءًا من المؤتمر الصحفي الذي حضره عن مهرجان القاهرة فقال لي”مش كتير كدا يا سميحه”.
حكت، ومن نبرة صوته فهمت ماذا يقصد بمقولته هذه أي أن الفترة المذاعة طويلة أكثر، واحساسه بقرب رحيله، فقلت له : لأ مش كتير، والدليل عندما يكثر التلفزيون من إذاعة بعض اللقطات من المؤتمر الصحفي بهدفه بث الفرح في نفوس الناس الذين ظلوا فترة كبيرة لم يشاهدوك ثم قال لي أنه “جائع” رغم أنه لم يكن يقلها أبدًا، فقلت الحمد لله أنني جهزت الأكل وجلست أطعمه بيدي وجلس لحظات.
تضيف، وقال لي: أريد أن أنام، ودق جرس التلفون كان الأستاذ محمد عودة وقال لي إنه سوف يحضر لسعد في نفس اليوم الساعة الخامسة بعد الضهر ومعه الكاتب بهاء طاهر وبعد ذلك سوف ينضمن إليهما سمير سيف، فقلت له: سعد لا يقابل أحدًا، فقال لي “عودة” : سعد هو الذي حدد لهم الموعد، فابتسم “سعد” وقال: نعم، حدث ذلك.
تتذكر سميحة أيوب، طلبت من سعد أن ينام حتى يستقبل ضيوفه وأوصلته حتى السرير وأغلقت الباب عليه ودخلت عليه الساعة الخامسة إلا ربع لكي أوقظه من النوم وعادة عندما أفتح عليه الباب فأنه يقلق ويتستيقظ، فتحت الباب لم يستيقظ وشعرت أن انفاسه، تتصارع، ناديت عليه”سعد..سعد” لم يرد.
تروي، فكررت ندائي وجاء الخادم ليخبرني بحضور بهاء طاهر ، فقلت له ادخله ورحت أطلب الطبيب المعالج، وقلت له إن سعد دخل في سكرات الموت ويعاني من ضيق في النفس والشخير ولا يرد علىّ، فطلب مني الطبيب أن أطلب الإسعاف على أن ينتظره هو في المستشفى وطلب الاسعاف راجية أن يسرعوا وكانت “نادية لطفي” في الطريق إلينا فأحضرت سيارة الاسعاف وحضر رجال الاسعاف وطلبوا منا أن نخرج من الغرفة.
وتختتم حديثها، سعد وهبة يعيش معي،لم يرحل، حينما تشد وحشتي إليه أخرج الكاسيت وأضع الأشرطة العديدة التي أحتفظ بها وأستمع إليها، وهكذا نجلس معًا، أسمعه، أحدثه، تمامًا كما كنا نفعل من قبل، حينما أريده ان يتحدث في السياسة أخرج شرائطه السياسية، وحينما أشتاق إلى جلسة أسرية حميمية أستمع إلى وأستمع إليها، وهكذا نجلس معًا، أسمعه، أحدثه، تمامًا كما كنا نفعل من قبل، حينما أريده ان يتحدث في السياسة أخرج شرائطه السياسية، وحينما أشتاق إلى جلسة أسرية حميمية أستمع إلى الشرائط التي كان يتحدث فيها عني، أحمد الله أنني أعيش في عصر منحني القدرة على استعادة صورة وصوت من أحب في أي وقت.