القاهرة، 3 مارس، أسابيع قبل قيام ثورة يوليو 1952، في سينما رويال بالقاهرة، وفريال بالإسكندرية وثلاث دور عرض في الأقاليم، بدأ عرض فيلم ليلة القدر بطولة الفنان حسين صدقي، وإنتاجه وإخراجه.
وشاركه في بطولة الفيلم، الفنانين، ليلى فوزي وهدى سلطان، وتدور قصة الفيلم حول الشيخ الشيخ الذي جسده حسين صدقي، باسم “حسن” الرجل الأزهري الذي يحب “لويزا” ليلى فوزري وينتهي الحب بزواج حسن منها دون موافقة أهلها، وبعد أن تلد ابنة، تمرض والدتها بشدة، فتذهب لتراها وكان شرط والدها أن يطلقها “حسن” لكى ترى والدتها.
تذهب “لويزا” لرؤية والدتها وتمرض هناك مرض الموت، وهي على فراش الموت تعلن إسلامها وتوصي بأن ابنتها تربى على يد والدها الشيخ حسن.
أزمة فيلم ليلة القدر
بعد عرض الفيلم للجمهور، اعترض جميع رؤساء الطوائف الدينية المسيحية على الفيلم، وذهب مندوبهم للاجتماع بمدير الرقابة على الأفلام في مكتبه بوزارة الداخلية وبعد أن تحققت إدارة الأمن العام منع أن عرض الفيلم كان سببا في بعض المشاغبات بين أفراد الشعب في داخل صالة العرض وخارجها.
وحسبما نشرت جريدة “الجيل” عام 1998، قيل أن الجماهير وقتها أحرقت إحدى دور العرض، لذا قررت الرقابة منع الفيلم من العرض.
سعى حسين صدقي لدى المسئولين لإعادة عرض الفيلم على أن يحذف منه المشاهد التي اعترضت عليها الكنيسة لكن محاولاته باءت بالفشل.
رفع “صدقي” دعوى قضائية أمام مجلس الدولة لمطالبة الحكومة بإعادة عرض الفيلم، في نفس الوقت كان هناك مشروع سري لتعديل الفيلم وضعه المركز الكاثوليكي للسينما.
ووضع المشروع بمساعدة نخبة من رجال الإكليروس المصري، أوصت بحذف بعض الجمل التي وردت على لسان لويزا، ثانيا: بعد طلاق لويزا يجب أن تحاول عائلتها وخصوصها خالها الكاهن اقناعها بأن تعدل موقفها بتمسكها بالشيخ الفاضل لا عن طريق افساد أخلاقها بواسطة الحفلات الخليعة التي قهم عنها أنها من العادات المسيحية بل بإقناعها بأن المسيحية بها شباب ذو أخلاق عالية وبأن التعاليم المسيحية لها نواحي جميلة يمكن أن تغذي روحها المتعطشة للفضيلة ثالثا: يستحسن وفاة ابنة لويزا في حادث سقوط أليم.
رابعا: يجب ألا تشهر لويزا إسلامها في نهاية الفيلم.
وجاء في التقرير عبارة “يرجو هذا المركز الاحتفاظ بسرية المشروع وعدم إثارة نصوصه إلا في حالة سماح وزارة الداخلية بعرض هذا الفيلم وإذا فشلت جميع المساعي لمنه عرضه”.
فيلم ليلة القدر أمام الرقابة
بعد قيام ثورة يوليو أسرع حسين صدقي بتقديم الفيلم إلى الرقابة، ووافقت على عرضه وجاءت إعلانات الفيلم “فيلم الاتحاد المقدس بين عناصر الشعب المصري”، “غدا يفرح الأحرار انصار العدل عن الروح والوطن والإنسانية”.
وصفت الدعاية حسين صدقي بأنه “فنان مؤمن بربه وبفنه وبرسالته”.
مع إعادة عرض الفيلم، ثارت ضجة أخرى فقام فريد المزاوي رئيس المركز الكاثوليكي المصري للسينما بإرسال خطاب إلى رئيس الجمهورية محمد نجب بتاريخ 15 ديسمبر 1952 يشرح فيه أساب اعتراض المسيحين على فيلم ليلة القدر.
ووصف الفيلم بانه لا يدعو إلى الوحدة بل يوسع الشقاق بين عناصر الأمة.
وطالب “المزاوي” من الرئيس محمد نجيب منع عرض الفيلم وفي 17 ديسمبر أرسل لمكتب “نجيب” عريضة بخصوص الفيلم وفي اليوم التالي 18 ديسمبر 1952 أرسل رسالة إلى الرئيس يشكره فيها على اهتمامه بالعريضة.
وجاءت رسالة “نجيب” بتاريخ 27 ديسمبر 1952، وتعتبر الرسالة هي الأولى من نوعها حيث يتدخل رئيس جمهورية من أجل منع عرض فيلم.
وتم منع عرض الفيلم، لكن عام 1954 غير حسين صدقي اسم الفيلم إلى “الشيخ حسن”، وكان حفل الافتتاح تحت رعاية الرئيس جمال عبد الناصر وخصصت إيرادات الحفلة الأولى لصالح المؤتمر الإسلامي، وتم عرض الفيلم للمرة الثالثة.
وعلى الرغم من ذلك وضع الفيلم على قائمة الممنوعات من العرض على شاشة التلفزيون المصري.