المسرح المصري في نكسة 67... في شتاء العام السابق للنكسة، قام الدكتور ثروت عكاشة بتقديم تقرير عن المسرح، وقال في تقريره أن المسرح في أزمة وان مصدر هذه الأزمة هو أن مصر توسعت في حياتها المسرحية توسعًا مبالغًا فيه.
وكان الموقف كما عرضه تقرير وزير الثقافة في شتاء 66 أن هناك 17 مسرحأ أو وجها من وجوه النشاط المسرحي تمولها وزارة الثقافة.
وأوضحت البيانات التي تقدم بها الدكتور ثروت عكاشة أن متوسط ما تنفقه الدولة على كل مسرح من هذه المسارح هو 70ألف جنيه وأن متوسط العجز في الإيردات في كل مسرح من هذه المسارح هو 90 % باستثناء مسرح الكوميدي الذي بلغت خسائره 33 في المائة.
المسرح المصري في نكسة 67
وبنى الدكتور عكاشة تقريره على ان الكم كان أكثر من الكيف، وكانت الفلسفة السائدة قبل ذلك، هى التوسع في الفنون والمسارح على أساس أن الكم الهائل سيخلق طبقا للقوانين الحتمية كيفًا له نوعيته الجيدة.
واقترح الدكتور عكاشة في تقريره الأخذ بمبدأ قليل جيد خير من كثير ردىءوتم الاتفاق على استمرا عرض الاعمال الجيدة والاخذ بنظام الريبوتوار ( عادة الاعمال الجيدة التي سبق تقديمها) ورفض كل توسع.
وهكذا واجه المسرح المصري عهد الإنكماش وقتها، بعد أن مر بمرحلة التوسع، وبنى الإنكماش كما بنى التوسع على غير أعمدته الصحيحة واستطاعت هذه الهزة الجديدة في المسرح أن تعمل عملها ببطء.
وكان أول خطأ بنى عليه المسرح الجديد وقتها هو إغفاله وضع كادر جديد لفناني المسرح ورجاله بحيث يستطيع كل فنان مسرحي أن يتفرغ للعمل في مسرحه ولا يمدن عينيه الى السينما أو التلفزيون أو الإذاعة من أجل ان يعيش.
ورغم أن ثروت عكاشة كان يعلم أن أجر سميحة أيون وسهير البابلي وسناء جميل كان لايتجاوز الأربعين جنيهًا من المسرح وان مرتبات كبار الممثلين المسرحيين تدور الأخرى بين هذا الرقم وبين رقم الثلاثين لم يتدخل لحل المشكلة، وكان المشكلة أن أبطال المسرح يستحيل عليهم أن يعيشوا بمرتباتهم من المسرح، وقبل فترة الإنكماش المسرحي كان الفنان منهم يعمل في السينما والتلفزيون والإذاعة.
وحينما كان يتعارض العمل المسرحي مع السينما او التلفزيون كان العمل المسرحي يكسب الجولة فشهرتهم كانت من المسرح، فلما جاء الإنكماش انكمشت السينما هى الأخرى وانكمشت الاعمال الفنية في الإذاعة والتلفزيون وكان طبيعيًا أن يصبح إخلاص رجال المسرح نوعًا من انواع الإنتحار البطىء..ولهذا بدأ التفكير في العاميين الأخيرين 67، 68 في الهجرة إلى مسارح الدول العربية، وبدأت الهجرة الكبيرة لمعظم فناني المسرح لدول الخليج والكويت والعراق وسوريا وغيرها بحثأ عن لقمة العيش أو موتور السيارة.
المسرح المصري في نكسة 67
وكان ركود المسرح سببًا من أسباب الهجرة.
كما شهد هذا العامين قلق بسبب عدم الإستقرار، فقد انبسطت ظاهرة تعاقب المسؤلين وتغييرهم بكثرة، ففي عامين جاء أربعة رؤساء، الدكتور على الراعي، محمود أمين العالم، الدكتور الأهواني، عبد المنعم الصاوي، فكان لايكاد رئيس مجلس الإدار يستقر على كرسيه فيفهم مشكلات المسرح وحاجاته حتى يصدر أمر بنقله إلى مكان آخر ويأتى مسؤل غيره.
كما كانت كل العلاوات والزيادات تصب في جيب الموظفين مما أدى الى ان بعض الفنان تاكدوا ان انجياز الإدارة فقط يصب على الموظفين وليس الفنيين من الممثلين والمخرجين. بالإضافة انه تم إغلاق احد المسارح مثل المسرح الحديث نتيجة لحركة تنقلات لم تكن مفهومة بين ممثلي وممثلات المسرح القومي.
المسرح المصري في نكسة 67
كما جاءت ظاهرة أخرى وهي دخول ممثلي السينما إلى المسرح، مثل عماد حمدي ومحسن سرحان وذو الفقار وشادية وأحمد مظهر، فقبل ذلك كان ممثل المسرح هو الذي ينتقل إلى السينما، واعتبر ذلك وقتها ظاهرة مدهشة،لانه كان الممثل المسرحي يرى على انه أقدر على الأداء السينمائي لأن السينما لا تفرض نفسها في ممثلها مما يفترض في ممثل المسرح، واعتبر ذلك خللًا قويًا وقتها.
وكان ضعف مستوى السينما في العامين 67، 68حيث كانت تلتقط السينا أنفاسها، وبدأ القطاع العام يعلن عن نفسه بأنه منقذ السينما، ولكنه أخذ معه كل سيئات القطاع الخاص، واحتملت السينما خسائر عدة ، واصبحت مدينة بمليون ونصف من الجنيهات وتوقف معظم الإنتاج في الاستديوهات، فأحس معظم الممثلين أن خشبة السرح هى المنفذ الوحيدة لهم. بالإضافة إلى انه كان ينظر الى ممثل السينما على انه نجمًا فكان يدفع له أجرالنجوم.
محمد عوض يطلب من وزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة ووزير الداخلية شعرواي جمعة في 1 يناير 1969 منع الفنانة نبيلة عبيد من السفر إلى باكستان نظرا لانها التزمت معه بعقد في فرقته المسرحية للمشاركة في بطولة العرض المسرحي “طبق سلطة” التي كان يتم عرضها على خشبة مسرح الزمالك.