المشير عبد الحكيم عامر أنهى حياته بسم “الأكونتين” هكذا أدلى بيان الحكومة المصرية، وأكده الأطباء الذين فحصوا جثته بمستشفى المعادي.
في عددها الصادر بتاريخ 6 أغسطس 1987، نشرت جريدة “الوفد” تقريرًا يشير إلى اكتشاف كمية من السم أخفاها المشير تحت شريط لاصق فوق بطنه.
وأكدت “الوفد” عثورها على وثيقة خطيرة تقطع بوفاة عبد الحكيم عامر جنائيًا، ولم ينهي حياته بنفسه، بل مات بالسم الذي دُس له في عصير الجوافة، عمدًا من سبق الإصرار.
وأشار تقرير “الوفد” إلى أن المحامي العام وقت رحيل “عامر” كلف خبير سموم من المركز القومي للبحوث بفحص التقارير الطبية، والأوراق الرسمية، بالإضافة لإعداد تقرير استشاري بنتيجة الفحص.
انتهى التقرير بعد دراسة علمية ومعملية لأقوال الأطباء الذين أشرفوا على علاج المشير، وظلوا بجواره حتى وفاته 14 سبتمبر 1967، إلى أن الوفاة جنائية.
ودل تحليل مخلفات المشير عامر، أنه تم تجاهل تحليل علبة عصير جوافة مخلوطة، بالإضافة إلى الكوب الذي شرب منه، كما تجاهلت أجهزة التحقيق، سؤال الجندي الذي فتح علبة العصير للمشير، وأفرغ منها الكوب.
واستعانت “الوفد” بتقرير أعده الدكتور على محمود دياب، مدرس تحليل السموم بالمركز القومي للبحوث، عن الغموض الذي أحاط بوفاة المشير، وعمليات التزييف التي تمت لتصوير الوفاة على أنه أنهى حياته بنفسه.
المشير عبد الحكيم عامر.. وثيقة تاريخية لنهايته
نشرت “الوفد” نص التقرير الذي كتبه خبير السموم الذي كلفه المحامي العام بفحص التقارير الطبية حول حادث وفاة المشير عبد الحكيم عامر، وسجل فيها النتائج التي توصل إليها.
وكان الدكتور على محمد دياب، مدرس تحليل السموم بالمركز القومي للبحوث، شرح في تقرير، يقول، أنه إطلع على تقارير وأقوال الأطباء المعالجين للمشير في مسشتفى القوات المسلحة بالمعادي، وما صاحبها من ظروف، بداية من محاولة نقله من منزله إلى استراحة المريوطية حتى وقت الوفاة، ثم الإجراءات الأخرى التي تمت حتى وقت الكشف الطبي الشرعي، وأخذ العينات من الجثة بدار الترشيح في الساعة الخامسة والنصف صباحا، يوم الجمعة، 15/9/ 1975.
أكد، أنه لم يوجد أي آثار بالمعدة لسم “الأكونتين” بعد حوالي ساعة من تعاطيه عن طريق الفم، وفي خلال الـ 8 ساعات التالية للوفاة، وباءت كل محاولات العثور عليه بالفشل رغم دقة وحساسية الطريقة المستعملة، وأضاف: “علما بأن الجرعات المستعملة كانت أقل من الجرعات السامة التي لا تعدو كما قلنا 2 مجم من الصورة المتبلورة من الأكونتين، أما إذا كانت الوفاة قد تسببت بجرعات كبيرة أضعاف هذه الجرعة فأن العثور على الأكونتين في الأحشاء يصبح محتملا، خاصة إذا استعمل في الكشف”.
وناقش خبير السموم، التقارير الطبية الصادر من مستشفى القوات المسلحة بالمعادي، وقال، أن تقارير الأطباء وأقوالهم نصت على سلامة وطبيعة النبض وضغط الدم والقلب والرئيتين والانعكاسات العصبية وسلامة الجهاز الهضمي من حيث عدم وجود أعراض مغص أو قئ أو إسهال وكذلك سلامة القوة العضلية والإحساس وطبيعة الحدقتين وتفاعلها مع الضواء.
ولفت إلى أن جميع الشهود، ذكروا أن المشير لم يلاحظ عليه أي تغيير يدل على حدوث تأثير مادة سامة، وأنه غادر المستشفى سائرًا على قدميه وبخطى ثابتة.
وأضاف: “بعد مراجعة الحقائق العليمة تأكد عدم تناول المشير أيا من الأكونتين أو الأفيون لحظة مغادرته المستشفى مساء يوم 13 مايو 1967، حيث أوضح التقرير المقدم من الطبيب ثروت عبد الرحمن الحرف أن ما سلُم للمستشفى من قطعتين متماثلتين من ورق السلوفان إحدهما طوالها 35 مللي، وهي التي أرسلت إلى المعامل الطبية الرئيسية يوم 13/9/ 1967، والأخرى طولها 1 سم، وهي التي حفظت بالمستشفى وأجرى عليها تحيل يوم 14/9/ 1967″.
وأكد، الدكتور على محمد دياب أن التقرير لم يذكر أي من هاتين الورقتين كان بهما آثار مضغ، كما أنه لم يتوصل إلى إثبات وجود أي شيء من تحليل الورقة الصغرى.
المشير عبد الحكيم عامر.. رحيل مثير
ولفت إلى أن تقرير المعامل الطبية المركزية للقوات المسلحة، ذكر، أن تقرير نقيب صيدلي أبو الدهب، قال، أن قطعة ورق السلوان لا يتعدى نصف سم، في حين أن الجهة المرسلة للعينة وهي مستشفى المعادي قررت أن هذه الورقة يبلغ طولها 35 مللي متر.
وفي تقرير “الوفد” تجزم أنه تم دس السم في الشرب وتناوله المشير عبد الحكيم عامر، وأنه قتل عمدًا مع سبق الإصرار.
وفي تقرير نشرته جريدة “الحياة” 1997، ذكر فيه المهندس حسن عامر، الشقيق الأصغر لـ “عامر”، أنه يمتلك وثائق تؤكد أن المشير مات مقتولًا.
وتساءل: “من أين جاء المشير بالسم في مكان معزول فيه تماما؟”، وأوضح، أن السم وضع له في العصير.
وتزال قضية رحيل المشير عبد الحكيم عامر، غامضة، لم تُحسم أبدًا، كلُ يؤكد أنه يمتلك الوثيقة التي تعضد وتثبت قناعته، ولديه من الروايات التي يدلل بها، وعلى النقيض تماما تخرج روايات بنفس الجدية تؤكد رؤية أخرى تنسف الأولى تمامًا. ويزال السؤال مفتوحًا: كيف رحل المشير؟ مقتولًا؟ أم أنهى حياته بنفسه؟.
اقرأ أيضًا:
- قضية بليغ حمدي.. اتهم بقتل مطربة.. لمزيد من التفاصيل اضغط هنا
- تحقيقات النيابة وأقوال الشهود في قضية بليغ حمدي.. للقراءة اضغط هنا
- ممثل مسرحي ومصور أفلام قصيرة..الجانب الخفي في حياة جمال عبد الناصر.. للقراءة اضغط هنا