في سبتمبر عام 1930، أعلنت وزارة المعارف المصرية عن إنشاء أول معهد تمثيل عربي في مصر، فتقدم للامتحان 288 طالبا بينهم 117 من حملة الشهادات العليا والبكالوريا و39 طالبة بينهم ثلاثة احترفن التمثيل.
نجحت محاولة إنشاء معهد التمثيل العربي، بعدما فشلت محاولة إنشاء معهد لدراسة فن التمثيل من عبد الرحمن حمدي، لكنه لم يلاقي التشجيع الكافي، فعاد عن فكرته.
روى الناقد والمؤرخ السينمائي سمير فريد لجريدة “الحياة” عام 2000، أن المعهد شكل لجنة امتحان للطالبة الراغبين في الالتحاق بالمعهد برئاسة محمد أحمد العشماوي بك، سكرتير عام وزارة المعارف، وعضوية الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب، والكاتب المسرحي إبراهيم رمزي بك، وزكي طليمات أستاذ الإلقاء والإخراج، وجورج أبيض مدرس فن الإلقاء.
في أكتوبر 1930، أعلن المعهد عن اختيار عشرين طالبا وعشر طالبات، وكان من بين الطلبة خمسة من حاملي الشهادات العليا، ومن بين الطالبات خمس يحملن شهادات مدرسية، وكان الطلبة هم، إبراهيم عز الدين، أحمد حسين البدوي، أحمد محمد فرج النحاس، إسماعيل نظمي أمين، حسين حسين عفيفي، وحسين محمود حسن، وصالح إبراهيم، وعبد الحميد الطلياوي، وعبد السلام النابلسي، وفهمي حنا، وعبد الفتاح حسن محمد، وعبد الفتاح عزو، ومحمد أحمد شاكر، ومحمد أحمد تقى شمس الدين، ومحمد طلبة عزمي، ومحمد عزت القرماني، ومحمد عبد القدوس، ومحمد أحمد الغزاوي، ومحمد إبراهيم أبو داود النجار، ويوسف فهمي حلمي.
وكانت الطالبات هن، إحسان محمود عفت الشريعي، جميلة مندور، ودولت عزت، رفيعة السيد أحمد الشال، فوزية محمد علي خالد، وزوزو حمدي الحكيم، فاطمة راشد عبد الرحيم، فاطمة محمد، ونعمات بولس، ونفيسة سيد.
معركة إغلاق أول معهد تمثيل عربي في مصر
يلفت سمير فريد إلى أن عبد السلام النابلسي كان الأول في امتحان القبول وهو اللبناني الوحيد في المعهد، وكانت الأولى فوزية خالد التي غيرت اسمها بعد ذلك ليكون روحية خالد. وكانت الفنانة زوزو حمدي الحكيم الأولى في امتحان النقل من السنة الأولى إلى السنة الثانية عام 1931، ولم ينتقل أحد إلى السنة الثانية بسبب إغلاق المعهد.
لم يستمر المعهد سوى عام واحد، افتتح عام 1930 وإغلاقه عام 1931، بمثابة معركة كبرى من معارك “التنوير” وكانت الفنانة زوزو حمدي الحكيم بطلة هذه المعركة ونشرت مجلة “العروسة” كواليس المعركة.
ففي 8 أكتوبر 1930، نشر المحرر الذي يتابع القضية ويوقع بحرف “ج”، أن الفنان زكي طليمات يجاهد في رفع التقارير والأوراق والمذكرات لتنفيذ المشروع. وقد بلغ عدد الطلبات التي رفعت إلى سكرتارية المعهد لحوالي 150 طلبا بينها بضع طلبات من مصريات وبنات الأسر المعروفة.
وفي 15 أكتوبر 1930، نُشر خبرا في “العروسة” مفاده، أنه تم فتح المعهد التمثيلي بعد الانتهاء من امتحان المتقدمين به، ليصبح الحلم حقيقة ملموسة. رغم معارضة مديرو الفرق لفكرة المعهد، وتطاولهم -حسب تعبير المجلة- على الفنانين زكي طليمات وجورج أبيض وبقية المدرسين في المعهد.
تحمس عبد الرحمن حمدي وقرر تشكيل لجنة لإنشاء معهد التمثيل الأهلي، وأنشأ له فروع في القاهرة، كي لا تضيع الفرصة على من ضاعت عليهم الفرصة في الالتحاق بمعهد التمثيل العربي “الحكومي”.
وسط كل الأصوات والكتاب والصحفيين وأصحاب الفرق الذين يعارضون فكرة المعهد ويهاجمون أساتذة، قررت إدارة المعهد تدريس اللغة الفرنسية للطلبة لأنها أغنى لغات العالم بالأدب المسرحي، فلا يجود مؤلف قيم عن المسرح إلا وقد نقل إلى اللغة الفرنسية بعكس اللغات الأخرى التي لا يتسع أدبها المسرحي لاحتواء كل طرائف الفن كاللغة الفرنسية.
بداية من عام 1931، نشبت معركة بين الفنان يوسف وهبي والفنانة زوزو حمدي الحكيم، وذكرت مجلة “العروسة” أن يوسف وهبي هو الفنان الكبير الذي يهاجم المعهد في متابعات “جيم” في إطار الصراع التقليدي الذي استمر بينه وبينه زكي طليمات لسنوات طويلة. لكن الفنانة زوز حمدي الحكيم دخلت ضده معركة بالاسم وبعنف.
احتد النقاش حول معهد التمثيل والإبقاء عليه أو إغلاقه، لكن قرار وزارة المعارف كان الإغلاق، بعد قرارات بحذف منهج الرقص، ثم حرمان البنات من الالتحاق بالمعهد.
والتقت مجلة “العروسة” بأحد رجال وزارة المعارف- لم تذكر اسمه- ولفت، إلى أن المعهد كان يحتاج لنفقات وأموال كثيرة، بجانب بأنه سيدمر الأخلاق تحت أهواء الطالبات، بالإضافة إلى تلويث سمعة الوزارة والبلاد، لأنه ضد التقاليد والأعراف في البيئة المصرية.
اقرأ أيضًا:
- أسرار من حياة الرئيس السادات في التمثيل.. للتفاصيل اضغط هنا