نجيب سرور أول شاعر وفنان يقرأ نعيه وهو على قيد الحياة، أشيع خبر وفاته أثناء وجوده بمصحة الأمراض العقلية وتناقلته بعض الصح العربية وكتبت رثاءه.
فرح “سرور” وحزن في آن، حزن لأن رأى أن الموت في حد ذاته ليس شيئا مبهجا، وطالما واجهه في جميع أعماله النثرية والشعرية. وتجربته مع الموت طويلة ومهولة. هذا من الناحية الفلسفية والوجدانية، على حد سواء.
بعدما أتم “سرور” أربعين عاما، بدأ يتحرر من سلطة عقدة الموت.
أما بهجته من قراءة خبر نعيه في الصحف، قال “أنا حي أعيش في مستشفى المجانين، ثم تتناقل الصحف خبر وفاتي بين المجلات والجرائد في الخارج بالذات، فلقد ودعني الرفاق بمقالات ومرثيات لم أكن أحلم بأن أراها ميتا”.
نجيب سرور يقرأ نعيه بنفسه
سأله الكاتب الصحفي عصام الغازي أثناء المقابلة التي نشرت في مجلة “الأقلام” 1979 “أي أعمالك تحملها على كتفك لتقدم بها نفسك إلى الله يوم القيامة؟”، أجاب “سآخذ كتبي المنشورة وغير المنشورة بيميني، ولسوف يشوفني ما فيها من أخطاء الشباب وتخبطات سنوات عدم النضج قبل أن يشرفني ما قد أكون قد وفقت له من صواب”.
أبدى “سرور” اعتزازه بأعماله، ياسين وبهية، وآه يا ليل يا قمر، وقولوا لعين الشمس “كانت مصادرة”، ومنين أجيب ناس، وبروتوكولات حكماء ريش، ولزوم ما يلزم، والأميات، قال “لكن هذه الأعمال تقدمة وقربانا من أجل الغفران”.
نجيب سرور يؤمن بأن المسرح قلعة الفنون
درس نجيب سرور المسرح في الاتحاد السوفيتي ستة أعوام، وعمل في الإخراج لمدة أربعة أعوام في مصر، ومثل ألف المسرحيات، وبعد أن أصدر ديوانه “لزوم ما يلزم” اتجه إلى المسرح الشعري وكتب المسرحيات “ثلاثة ياسين وبهية”، و “ملك الشحاذين”، و “لمين أجيب ناس”.
قال في حوار آخر لمجلة “أقلام” 1980، أن المسرح أخذ كل شعره، وأخذه من القصيدة، قال “علما بأن شعري المبكر كان يتضمن دائما عناصر درامية، وبطبيعتي كرجل مسرح، ومخرج، وممثل، ومدرس في المعهد العالي للمسرح التابع لأكاديمية الفنون، وبتكويني الداخلي اتجهت إلى المسرح، واتجهت إليه عن إيماني بتفاهة القصيدة الغنائية”.
كان “سرور” يؤمن بأن المسرح هو قمة الفنون وقلعتها، وهو المحك الحقيقي لأي شاعر “هو المنبر الذي استطيع من خلاله أن أقول كلمتي للجماهير الواسعة، وهو الوسيلة لتجنيد وحشد الجماهير لإيقاظ المشاعر الوطنية والقومية”.