كان والد الأديب إبراهيم عبد المجيد، يحب قراءة القرآن كل مساء، ويحب أن يحكي قصص القرآن، هو ما لم ينساه.
روى الأديب المصري، أن حكايات القرآن الكريم التي كان يرويها لهم والده، أمدته بحالة من الشجن العبقري الذي تمدد في روحه، يتذكر قسة سيدنا يوسف عليه السلام مع إخوته.
ويتذكر أول لوحة تشكيلية رآها في حياته من رسم والده، كانت لأبي زيد الهلالي، شاهرًا سيفه.
ذكريات الأديب إبراهيم عبد المجيد مع أبيه
عاش الأديب المصري مع والده في حي كرموز بالإسكندرية، وهي حي شعبي عريق، لا ينسى عازف الربابة الذي كان يحضره والده إلى منزلهم كل أسبوع، ويطلب منه أن يعزف لهم قصة الهلالية ودياب بن غانم وقتله للزناتي خليفة، وغيرها من القصص الشعبي.
الطقوس التي اعتدها والد الأديب إبراهيم عبد المجيد خلقت له أجنحة من الخيال، يقول في مجلة “الهلال” 1994: “كانت المدرسة في الخمسينات أكثر اتساعا، والمدرسون أباء حقيقيين، كان في الجدول حصتان للمطالعة الحرة، لا أعرف من حذفهمها من المدارس”.
في حصتي المطالعة أرشد مدرس اللغة العربية “عبد المجيد” لقراءة مؤلفات محمود تيمور وترجمات خليل مطران لشكسبير وقصص كامل الكيلاني.
قبل أن يصل لإتمام الشهادة الإعدادية تكونت رغبة جامحة داخله لكتابة قصص تشبه لما يقرؤه من قصص جديدة وقديمة.
في الصيف، انفجر قلب “عبد المجيد” فرحًا، كتب أول رواية يصفها بأنها “حكاية ساذجة”، لكنه أدرك بعدها أن العالم ينقسم لعالمين، الأول واضح نحياه كل لحظة، والثاني غامض وهو ما أدخله في الكتابة.
مصادفة حضر “عبد المجيد” محاضرة للناقد محمد مندور في قصر ثقافة الحرية بالإسكندرية، تحدث فيها عن المذاهب الفنية “أدركت أن الفن صعب، أخذت نفسي بشدة، اندفعت اقرأ بجنون، كنت أقرأ عشر ساعات يوميا، وأحيانا يوما كاملا، كنت أريد قراءة كل القصص المصرية والعالمية”.
ذكريات الأديب إبراهيم عبد المجيد مع طه حسين وعباس العقاد
لا ينسى الأديب الكبير أيام الصبا، التي كان يشترك في كل مكتبات الإسكندرية مجانا “مكتبة البلدية ومكتبة قصر ثقافة الحرية، ومكتبة المدرسة”.
يخرج الصبي نحيل الجسد من المنزل خفيفا، يعود ثقيلا محملًا بالكتب، لا يضن بأن ينفق القرش الحيلة في شراء كتاب جديد، ويتحمل العودة مشيًا على الأقدام من محطة الرمل إلى المكس، حوالي ثماني كيلو مترات في فصل الشتاء.
قرأ الأديب الكبيرة، وقتها، أعمال كافكا، وتأثر بالأدباء الكبار، قلد روايات بعضهم، منها رواية “أنا الشعب” لمحمد فريد أبو حديد، لكن كتب طه حسين أخرجته من طي التقليد، بدأ يقرأ من جديد، كتب العقاد، ومشاهير كتاب العالم والعرب.
عرف من خلال عميد الأدب العربي كتابات ألبير كامي، وكافكا، وأندريه جيد وعرف من “العقاد” شوبنهاور وكانط.
وعرف من خلال طه حسين و “العقاد” طريق التراث الإسلامي والعربي.
عام 1968 شارك في مسابقة القصة القصيرة التي كان يشرف عليها الأديب فتحي الإبياري وحصل على الجائزة الأولى، تفوق على خمسمائة متسابق، ونشرت قصته في جريدة “أخبار اليوم” وكتب لها محمود تيمور مقدمة صغيرة، يتذكر “كانت فرحة عارمة بالنسبة لي، كانت خيمة من الثقة سقطت فوق رأسي، وأحاطتني يمكن إذن أن أكتب الآن وانشر”.