“قصص الخمرة عندي غريبة البدايات، وأكثر غرابة في نهايتها، إذا كان صديقي في مشكلة فأحزن له، وأسكر له، وحدث هذا مع صديقي فطين عبد الوهاب ذات صيف، بعد أن طلبت منه زوجته الفنانة ليلى مراد الطلاق كلما سكر لأنه أصيب بنوبة قلب مرتين، وحُذر من النوبة الثالثة التي يُحتمل أن تنهي حياته” حكى الفنان رشدي أباظة في مذكراته المنشورة بمجلة “الشبكة اللبنانية” عن قصته مع الخمر.
كان “فطين” يخرج فيلما في القاهرة، وزوجته “ليلى” في الإسكندرية، فأحس بصعوبة في التنفس، فهاتف “رشدي” الذي شغله عما يحس به، طلب منه أن يحكي له قصة فيلمه.
أثناء المكالمة، كان رشدي أباظة يقود سيارته بسرعة جنونية، قال “كنت أقود سيارتي بسرعة جنونية شأن كل مخمور، وقبل أن أصل لميدان الجيزة، تفاديت سيارة مسرعة، فارتطمت بعربة كارو في الظلام، فاهتزت بعنف، وسقط من فوق حمولتها الخضروات التي تدخل القاهرة وقت الفجر، وسقط صبي فأصيب في رأسه”.
كان رفقة “رشدي” فطين عبد الوهاب الذي خشي أن يُنشر عن الحادث في الصحف، فتعرف ليلى مراد أنه كان في سهرة مع “أباظة” فتطلب الطلاق ولا مفر منه.
جاءت الشرطة ونقل الصبي إلى المستشفى، ووصل بعض الفنانين ليطمئنوا على “رشدي” ووصل المحامون. لكن الأمور كانت ليست بالجسامة التي تٌقلق.
وكانت الحادثة الأولى والوحيدة في حياة الفنان الراحل، بسبب الخمر أثناء قيادته لسيارته.
أزمة أخرى بسبب الخمر
وقع الفنان الراحل في أزمة بسبب الخمر، إذ حصل ذات مرة على شيك من أحد المنتجين في بيروت “بدون رصيد”.
حكى رشدي أباظة في مذكراته، أن المنتج المصري لم يكن يستطع أن يعطيه شيك بدون رصيد، أو يتلاعب ويضع تاريخين “حتى وأن أقدم على ذلك فينبهني بالتليفون، و يستعطفني لأمهله أياما يدفع فيها، لأن وضع تاريخين على الشيك في مصر يحوله إلى سند إذني في قضية ليس لها عقوبة اصدار شيك بدون رصيد، في بيروت الأمر يختلف، إذا تقدمت للبنك بشيك بدون رصيد، المسؤولية تكون مشتركة مع صاحب الشيك”.
كان “أباظة” مخمورًا، ووقع في هذا المأزق، شيد بدون رصيد من منتج لبناني، بدأ في البحث عنه، وهاتف زوجته الفنانة سامية جمال ليخبرها بالأمر، فردت “الفلوس تحت حذائك، أنت تكسب الألوف فلا تهزك خسارة ألف واحدة”. فهدأت أعصابه ونسي أمر المنتج، قال “اعتقت سامية المنتج من انتقامي”.
الحادثة الكبرى في بيروت
في بيروت، حصلت حادثة كبرى، وصل “رشدي” إلى فندق الاكسليسور، تلقى مكالمة هاتفية من الفنان أحمد رمزي، يدعوه لتناول كأس سويًا، وقبل “أنا لا أحقر أبدا دعوة الكأس، في دقائق سأكون عندك”.
قبول الدعوة من “رشدي” لأنه كان على علم بأزمات وخلافات “رمزي” مع زوجته “عطية الله”: “كانت له تصرفات تتشابه مع تصرفاتي، لأننا نبدأها من منطلق الكأس”.
الأزمة كما توقع، دخل قاعة “البريستول”، فإذا بـ “رمزي” يجلس مع فتاة ألمانية، التقى بها في ملهي الأوبرج بالقاهرة، أحبته وتعلقت به، وعلم بأمرها الجميع، وزوجته “عطية الله” تصر على الطلاق، وهو ما دفع “رمزي” لمقابلة “رشدي”.
أثناء جلستهما، دخل مصور والتقط لهما صورة، وهو ما أغضب أحمد رمزي الذي أصر على أن يحصل على الصور، لكن “رشدي” تدخل قائلًا “إذا كان أبو الرشد هنا، فرمزي لن يتحرك من مكانه”. وهو ما حدث، حصل على الصور من المصور، وعاد “اطمئن، عطية الله لن ترى صورك مع هانا، الفتاة الألمانية”. وعادا للشراب مرة أخرى.
تجمع الصحفيون اللبنانيون، حول “رمزي” و “رشدي” غاضبين مما حدث، تطاول “رمزي” عليهم، وحذرهم “رشدي” :” رمزي لا يتفاهم بلسانه، يتفاهم بيده”. فجأة، انقلب المكان، توقفت الموسيقى، طلبت إدارة الفندق الفرقة 16 “أجسام قوية وعضلات”.
تولى رشدي أباظة المعركة، وطلب من أحمد رمزي أن يغادر المكان “يومها شعرت بتأنيب ضمير، كل من في المكان يهدأني، نحن نحبك، وأنا بينهم لم أكن أعي ما يحدث، وذهبت إلى الشرطة، واعتذرت لهم جميعا، وطار رمزي إلى القاهرة”.
السكرة الكبرى
اعترف الفنان الراحل في مذكراته، أن السكرة الكبرى كانت في حياته، هي زواجه من الفنانة اللبنانية صباح.
كان في نزاع مع مؤسسة السينما في مصر، أراد السفر إلى لبنان لينهي تصوير فيلم “إيدك على مراتي”، لكنه مُنع من السفر لأنه وقع عقدا لتصوير فيلم “حواء على الطريق”، تمرد عليهم، وسافر إلى بيروت غاضبًا.
استأجر شقة في عمارة “بوناجي”، هاتفه المنتج نزيه العاكوم، وطلب منه أن يلتقيا، وكانت معه صباح “مضى نصف ساعة، دخل ثلاثة، العاكوم والمخرج رضا يسر و تتقدمهم صباح، سألتني كثيرا عن مصر وأهلها، بعد ساعة، دعاهم للكاف دي روا”.
في العاشرة مساًء، التقى “رشدي” بأصدقائه الثلاثة، حضر معهم الماكيير يوسف محمود، وكانت صباح لا تقبل ببديل له في أفلامها أبدًا.
تزوجا “رشدي” الشحرورة، ولم تدم الزيجة طويلا. تم الطلاق في فبراير 1968.