قل عدد أصحاب القدرات الفنية المتعددة على الساحة الفنية المصرية، لأسباب ومعوقات عديدة، فقد لجأ بعض الفنانين للذهاب إلى حقل السينما على حساب المسرح والغناء، فالأولى توفر الشهرة والربح المادي بشكل أكبر، فضلًا عن عدم جاهزية القدرة الإنتاجية والمجازفة لتجهيز عروض مسرحية.
الظروف التي تشهدها صناعة الفن في مصر بشكل عام، تدفع الفنانين إلى عدم المجازفة، والعمل في المسرح أو الدراما أو الغناء في وقت واحد، لابد من التركيز على مجال واحد لالتقاط الفرصة المتاحة به.
مقومات النجاح
ترى الفنانة المصرية “سيمون”، أن فترة التسعينات التي شهدت تألقها، ساهمت بشكل كبير في إتاحة الفرصة أمامها للمشاركة في السينما و الدراما والمسرح والغناء، فقد ظهرت القنوات الفضائية ، بالإضافة إلى وجود زخم إنتاجي وفني كبير، وتوفيقها في اختيار الأعمال الفنية المعروضة عليها، عكس الفترات الأخيرة التي ظهرت فيها أعمال القرصنة وسرقة الأعمال الفنية، وتدهور الأحوال الاقتصادية، وابتعاد الجمهور عن الذهاب للسينما بسبب ارتفاع تكلفة التذكرة وأحيانًا قلة جودة الأعمال الفنية، تسبب في انخفاض مستوى صناعة الفن في مصر.
حققت “سيمون” نجاحًا واسعًا منذ بداياتها، بعدما قدمت موضوعات غنائية بكلمات شبابية وبسيطة (ماشية وساعتي مش مضبوطة، مش نظرة وابتسامة، الدنيا تروق، اسهر بقى لوحدك) بعيدًا عن الحب والهجر، كما ظهرت بطريقة مغايرة للشكل الفني و التقليدي للفتاة في المجتمع المصري، وساعدتها تلقائيتها الطبيعية، وبساطتها في أدوات التجميل على القبول لدى الجماهير، فضلًا عن إجادتها للعديد من اللغات الأجنبية مثل اليونانية والفرنسية والإنجليزية.
يقوم بعض الفنانين الكبار بتقديم الدعم للأجيال الجديدة، مما يعضد موقفهم ويمنحهم الثقة في موهبتهم، تقول “سيمون”، قدمت أغنية “تاكسي” بشكل فني جديد، وكانت أول فيديو كليب في العالم العربي عام 1988، بعدها بثلاثة أشهر وقع اختياري من قبل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة للمشاركة في فيلم “يوم مر ويوم حلو”، ثم شاركت في مسلسل “أبيض و أسود “عام 1989.
تشير الفنانة المصرية إلى أنها تبحث عن الاختلاف، فعندما انتجت لها شركة روتانا ألبوم “في حاجه كده”1995، قدمت الأغنية المصورة “المولد” إخراج محسن أحمد، لطرح فكرة التوحيد، فالمولد طقس شعبي يجمع بين كل الطوائف، وحصلت “روتانا” على جائزة أفضل إنتاج، وأفضل فيديو كليب.
تنوع فني
شهدت فترة الثمانينات والتسعينات توافر عدد كبير من المؤلفين والكتاب في المجالات المختلفة، فضلًا عن تواجد عناصر جيدة في بقية فروع الصناعة، كالإخراج والتلحين.
نجحت “سيمون” في تقديم ألبوماتها “بتكلم جد”1990، “ميرسي”1991، “تاني تاني”1992، وشاركها الملحن حميد الشاعري الذي حقق طفرة في التوزيع الموسيقى في دويتو غنائي “ما تقولشي لحد” وتم تصوير الأغنية كفيديو كليب وأذيعت على القناة الأولى المصرية في وقت متأخر “الثانية عشرة ليلاً” لكنها حققت مبيعات ومشاهدات عالية. ثم شاركت في العمل الدرامي”الهجامة”1992، تأليف السيناريست الراحل أسامة أنور عكاشة، إخراج محمد النجار. وقدمت فكرة الأغنية الشبابية والمصورة بالتعاون مع الفنان عمرو دياب في فيلم “آيس كريم في جليم”1992 إخراج خيري بشارة، ونالت استحسان الفنانة الراحل سعاد حسني.
تؤكد الفنانة المصرية لموقع “القصة“، أن اطلاعها على العديد من الثقافات والقراءة المستمرة، ساعدها في تشكيل وعي جيد، فضلًا عن وجود المخرج طارق الكاشف الذي كان يعاونها في اختيار الأعمال الفنية الجيدة، كما أنها رفضت المشاركة في موجة أفلام سينما المقاولات منتصف التسعينات.
قدمت “سيمون” شخصية “كريمة” في مسرحية”كارمن”1999 مع الفنان محمد صبحي، وحققت من خلالها نجاحًا جماهيريًا ونقديًا واسعًا، تقول: “منحني الفنان المسرحي الكبير محمد صبحي الثقة بنفسي، وبعد نجاحي في مسرحية “كارمن”، شاركت معه بمسرحية “لعبة الست”2000 التي عُرضت لمدة عام ونصف، كاملة العدد يوميًا، وقدمتني الصحافة بعناوين عريضة “ظهور نجمة مسرحية جديدة”، كما نلت استحسان وإشادة الفنانين الكبار أمثال سميحة أيوب، نور الشريف، بوسي وغيرهم، ثم قدمت مسرحية “سكة السلامة”2000 مع الفنان محمد صبحي أيضًا في نفس الوقت الذي كنا نعرض فيه “لعبة الست”.
شاركت الفنانة المصرية في الفيلم الروائي القصير ” بين صيف وشتا ” مع الفنان حمزة العيلي في بطولة مشتركة، وكان الفيلم الوحيد الذي شارك في المسابقة الرسمية بمهرجان أيام قرطاج السينمائية في دورته التاسعة عشر ، 2018. وشاركت في مسلسل “قيد عائلي”2019.
وتؤكد “سيمون” في ختام حديثها، إلى أن منحها القدرة على الاستمرارية والتنوع بين المسرح والغناء والدراما والسينما، هو قدرها على اختيار الأعمال الفنية التي تناسبها، وتستطيع تقديمها بقدرة وكفاءة عالية، مع اشتراط وجود ملمح إنساني في الشخصيات التي تجسدها، كما أنها تفاضل بين عدة أغاني تقدمها الفترة القادمة، وتستعد لدخول فيلم سينمائي جديد.