حسمت هدى نجيب محفوظ تعاقدها مع دار “ديوان” التي آلت إليها حقوق أعمال نجيب محفوظ، من حيث نشرها إلكترونيا وصوتيًا وورقيًا. لكن الجدل لم ينتهي مع المهندس إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة مجموعة الشروق التي تضم دار “الشروق” للنشر التي ينتهي عقدها بنشر أعمال أديب نوبل في “إبريل” لعام 2022.
صرّحت هدى نجيب محفوظ لموقع “القصة”، أن العقد مع دار “ديوان” للنشر يمتد لمدة 15 عامًا، وينص على حق النشر الورقي والصوتي والإلكتروني، قالت “طلبت منهم عدم الإفصاح عن قيمة التعاقد المادية، بعد قيام أحد الناشرين بشن حملة علىّ لإيقاف العروض وقال إني بعمل مزاد لمن يدفع أكثر وأن دور النشر الصغيرة ترفض شراء الكتب”.
ستبدأ دار “ديوان” في نشر الأعمال “المنقحة”، ابتداًء من مايو القادم، وستكون خالية من المحذوفات لأسباب رقابية أو أخطاء مطبعية، من خلال الاستعانة بنقاد مصريين كبار.
وستنشر “ديوان” الأعمال بشكل إلكتروني، الذي تشترك فيه معها مؤسسة “هنداوي” التي حصلت على حق النشر الإلكتروني. وهو ما أكده أحمد هنداوي صاحب مشروع “موقع هنداوي”، في حواره لموقع “إندبندنت عربية”، بأنهم تعاقدوا مع ابنة نجيب محفوظ على النشر الإلكتروني مجانًا، وينص العقد على حقها في التعاقد مع أي جهات أخرى.
شهادة إبراهيم المعلم
نشرت جريدة “الشروق” حوارًا مطولًا مع “المعلم” 10 ديسمبر 2021، حول علاقته بأديب نوبل وحكى عن ظروف تعاقده لنشر الأعمال مقابل مليون جنيه كأكبر مبلغ يحصل عليه أديب عربي من ناشر مصري.
روى “المعلم”، أن الأديب الراحل جمال الغيطاني هاتفه عام 2000، ليبلغه أن “محفوظ” تعاقد لنشر أعماله “إلكترونيًا” عن طريق المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في الإمارات بعقد “أبدي”، بجميع اللغات، مقابل 65 ألف جنيه مصري، لكن العقد ألغى، يقول: “وقعنا عقد الشروق، في باخرة فرح بوت، وحضر جمال الغيطاني ومحمد سلماوي ونعيم صبري وزكي سالم ويحى الرخاوي ويوسف القعيد وعبد الرحمن الأبنودي وأحمد حمزة”.
وصف “المعلم” تعاقده “محفوظ” بأنه “إنقاذ” لأديب نوبل، يقول: ” توقيع العقد جاء إنقاذ لموقف الأستاذ نجيب محفوظ من عقده السابق، بالإضافة إلى رهان الشروق على مستقبل الكتاب الإلكتروني”.
وحكى رئيس مجلس إدارة “الشروق”، عن أزمة أخرى، وهي تعاقد أديب نوبل مع الجامعة الأمريكية، إذ أكد في حواره، أن “محفوظ” أبلغه هاتفيًا بتوقيعه معهم عام 76 أو 79، لكن نسخة العقد فقدت، ولا يتذكر بنوده.
عدّل “المعلم” العقد، يروي “اضطررنا لتعديل العقد مع نجيب محفوظ، وأضفنا بندًا يؤكد احترامنا لأي اتفاق آخر قد يظهر مستقبلًا مع أي دار نشر”.
رواية جمال الغيطاني عن التعاقد
الأديب الراجل جمال الغيطاني، كشف في مقال نُشر في كتابه “المجالس المحفوظية” الصادر عن دار “الشروق” عام 2004، أن الأديب نجيب محفوظ أخبرهم في إحدى جلسات “الثلاثاء” الأسبوعية في “فرح بوت” أن “المعلم” عرض عليه شراء حقوق أعماله كلها لنشرها بالطرق الحديثة، والأسطوانات المدمجة والإنترنت، وطرق أخرى لم يستوعبها “الغيطاني” – على حد وصفه- مقابل مبلغ ضخم، مليون جنيه دفعة واحدة. لكن “محفوظ” في ورطة، إذ وقع عقدًا عن طريق ناشره التاريخي صلاح السحار مع مؤسسة في أبوظبي. علموا بعدها أن التعاقد لمشروع “القرية الإلكترونية” للشاعر محمد السويدي.
أكد المهندس إبراهيم المعلم في حواره لـ “الشروق” أن المبلغ الذي تعاقد عليه “محفوظ” قدره 65 ألف جنيه، لكن “الغيطاني” في مقاله، ذكر أن المبلغ الذي اتفق عليه ستة وسبعين ألف جنيه وخمسمائة جنيه عن مجمل الأعمال (76.500 ألف جنيه مصري)، ووصفه “رقم متواضع بالنسبة لإنتاج أديب في حجم نجيب محفوظ، من حيث الكم والكيف”.
تواصل “الغيطاني” مع “السويدي” عبر اتصال هاتفي، وعرض عليه الأزمة، فأبدى تفهمه بأنه إذا توفر عرض مادي أفضل سيتنازل عن العقد المبرم لحساب القرية الإلكترونية، واتفقا “الغيطاني” على نشر ما دار بينهما في جريدة “أخبار الأدب”.
في اليوم التالي من المكالمة ، في ساعة مبكرة تواصل “الغيطاني” مع “المعلم” واتفقا على أن يلتقيا في الواحدة ظهرا بمكتبه.
روى “الغيطاني”، ما دار بينهما، إذ استفسر عن جدية عرضه في مسألة العقد، فأبدى “المعلم” تأكيده ولحقه بعبارة “لكن”، فأكد له “الغيطاني” انتهاء أزمة عقد “القرية الإلكترونية” فأبدى “المعلم” اندهاشه متسائلًا :كيف؟، فروى له ما جرى مع “السويدي”.
لم يذكر “الغيطاني” تدخل “المعلم” في أي مرحلة من مراحل إنهاء أزمة عقد “القرية الإلكترونية “،بالإضافة إلى وصف شعوره بعد علمه بانتهاء الأزمة بأنه “اندهش”، لكن المعلم حكى” في حواره لـ “الشروق” أنه تواصل مع “الغيطاني” بـ “السويدي” لإلغاء العقد.
كما أكد “المعلم”، أنه تواصل مع “السويدي” مرة أخرى إلى أن أرسلوا مندوبهم إلى القاهرة، رغم أن “الغيطاني” ذكر في مقاله نصًا، الآتي: “قال إبراهيم المعلم، إنني جاهز للذهاب في أي وقت تحدده إلى الأستاذ نجيب، بحيث يتم توقيع العقد وتسليمه الشيك بعد فسخ العقد الأول”.
وأضاف “الغيطاني”، أن “المعلم” وافق على أن يكون اللقاء يوم الثلاثاء “الموعد الأسبوعي”، ثم هاتف الشاعر محمد السويدي، وأبلغه بجدية “المعلم” في التعاقد.
اتفق “المعلم” مع رواية “الغيطاني” فقط، في أن مجيء مستشار “السويدي” القانوني، محمود خضر، إلى القاهرة، في جلسة “الثلاثاء” الأسبوعية، لتنتهي الإجراءات بين الأطراف الثلاثة، ويوقع أديب نوبل لـ “الشروق”.
شهادة هدى محفوظ
أشار “المعلم” في حواره لـ “الشروق”، إلى أنه رحّب عام 2005، بطلب نجيب محفوظ بنشر جميع كتبه في دار “الشروق”، واستمر التعاون بينهما، في ظل شعور أديب نوبل بالارتياح والسعادة، خاصة بعدما بُسطت بعض أعماله للأطفال.
ابنة أديب نوبل أكدت في حوارها مع “القصة” أن هذا لم يحدث، قالت “أبي لم يطلب منه نشر كتبه، ولو طلب لا يسئ له، لكن هذا لم يحدث”.
وتتفق “هدى” مع رئيس مجلس إدارة الشروق، في أنها عثرت على أوارق لوالدها عام 2015، مكتوبة بخط يده، وتولى “المعلم” تدقيقها بالاستعانة بالدكتور يحى الرخاوي والدكتور حسين حمودة، والحاج صبري حافظ أسرار أديب نوبل، وتوصلوا إلى أنها أصيلة وأن “محفوظ” رغب في نشرها، وأن من كتبها الحاج صبري الذي كان يدون ما يمليه عليه “محفوظ”.
وبخصوص تأكيد “المعلم” على أن دار “الشروق” لم تحصل على أي أرباح من نشرها لأعمال “محفوظ”، تساءلت “هدى” باستنكار: “لما الكتب لا تباع لماذا طبع الطبعات الأخيرة، والعقد سينتهي إبريل القادم، ولما كتبه لا تباع كما تردد، لماذا كل هذه الهيصة؟”.
وأكد “المعلم” في حواره لجريدة “الشروق”، أن العقد انتهى بشكل رضائي بينه وبين عائلة “محفوظ” بعد النجاح الكبير لمسلسل “أفراح القبة” المأخوذ عن رواية بنفس الاسم لأديب نوبل، حفاظا على علاقة الود معهم، لكن “هدى” أكدت لموقع “القصة” أن الأسرة على خلاف معه منذ وفاة والدها، قالت “أسرة محفوظ على خلاف مع الناشر منذ وفاة أبي أي من 15 سنة، ونحن لا نحب شغله ولا معاملته”.
وأكدت، أن الخلاف مع المهندس إبراهيم المعلم، بدأ بعد وفاة والدها، قالت “الخلاف من البداية، لكن بعد وفاة الوالدة، أنا وأختي جددنا العقد لكي نعطيه فرصة أخرى، ولم يتغير فقررت إني لن أجدد العقد مع دار الشروق، وتقريبا منذ ثلاث أو أربع سنوات نشرت مجموعة قصصية في دار الساقي، ورفض عرضه، وهذه كانت بداية النهاية، لكنه لم يتغير والعلاقة توترت أكثر، ومنذ 3 سنوات طلبوا مني شراء حقوق بقية الورثة، لإخراجهم وطلبوا مني أن أغير مستشاري القانوني، رغم أن هذا لا يخصهم، هم فتوات كل الشغل بالعافية وبتعالي “.
روى “المعلم”، أن عقد الحقوق الملكية الفكرية للكتاب الورقي كانت خمس سنوات قابلة للتجديد، وبعد رحيلة أديب نوبل، استمرت العلاقة بينه وبين الأسرة، وعند التجديد احتفوا في حضور محاميهم الخاص وصديق “محفوظ” أحمد سيد عوضين، وتم تغيير المحامي لأكثر من مرة خلال فترة التعاقد، قال “حتى إنهم جاءوا بمحامي وشركة محاسبة راجعت كل الدفاتر قبل تجديد العقد في عام 2015، وذلك ليطمئنوا على صحة كل التعاملات والوفاء بكل الحقوق لهم”.
وبخصوص التعاقد على تحويل الأعمال الأدبية لإنتاج فني، سينمائي وتلفزيوني وإذاعي ومسرحي وغيرها، قالت “أوقفها ولم ينتج غير أفراح القبة، وعندما رجعت الحق تعاقدت مع هاني أسامة، والصبّاح، على إنتاج مسلسلات مأخوذة أعمال والدي”.